المواقيت:
ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم، وقال: ((هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة)).
هذا الحديث متى قاله الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قاله عليه الصلاة والسلام والشام والبصرة والكوفة ومصر، كل تلك البلاد لم تفتح بعد. كل هذه البلاد لم تفتح إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في الوقت الذي كانت فيه هذه البلاد بأيدي الكفار وتحت حكمهم، فهاهنا عدة دلالات:-
الأولى: أن هذا يدل على معجزة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر بأمر عيني لم يقع بعد.
الثانية: أن الرسول وقت هذه المواقيت لأهلها، وأهلها لم يسلموا بعد فدل ذلك على أنهم سيسلمون وأنها ستفتح وسيسلم أهلها، وكل هذا حصل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: وهذا مما نعتقده وهو أنه كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المواقيت قبل فتح بلادها وفتحت، فكذلك أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح بلاد أخرى كالقسطنطينية وهذه أيضا فتحت بعد عدة قرون من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسلم أهلها وحجوا إلى بيت الله الحرام.
كذلك أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح روما وهذه أيضا ستفتح بإذن الله عز وجل، وسيسلم أهلها وإن كانت هي الآن في أيدي الكفار كما كانت الشام والعراق ومصر في أيدي الكفار في الوقت الذي حدد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم المواقيت، فكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح أنه سيقع فسيقع، لا نشك في ذلك، ومنه أيضا أنه في آخر الزمان سيمكن لهذا الدين، وأنه ((ما من بيت على وجه الأرض)) – وتأمل ما من بيت – فليس الحديث ما من بلد أو دولة أو مجتمع بل ما من بيت، وإن كان بيت مدر أو وبر ((إلا وسيدخله الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله)). وإن كانت الفترة الحالية التي تمر بها أمة الإسلام، من أصعب فتراتها لكن هذا لن يستمر، بل سيكون له نهاية وللكفر حد سيقف عنده، وللظلم حد سيقف عنده، بل للدنيا كلها حد ستنتهي اليه وستكون الغلبة للإسلام وأهله وللدين وأعوانه، ولجنة الله وأولياءه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.